الأربعاء، 1 يناير 2020

الشاعر باسم عبد الكريم الفضلي : مجلة اقلام بلا حدود : منتدى اصدقاء اقلام بلا حدود © ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ .حقوق النشر والتوثيق محفوظة © 2020





مقالات ادبية



وجهة نظر لااكثر :


موضوعة النقد / الناقد ، عفى عليها الزمن بعد ان فرضت الحداثة ومابعدها ، مفاهيمها على تركيبة ( البنية النصية ) كمُنتج ابداعي يكتمل معناه في ذهن المتلقي / القارئ ، ومن تلك المفاهيم ( طبقات المعنى ) فللنص معنىً ظاهر / فوقاني تشكله بنيته السطحية ، ومعنى غائر تحت ذلك السطح ( تحتاني او مخبوء ) نصل الى تحديده من خلال تفكيك بنية اسلوب النص ، وهذه الطبقات المعنوية ، خلقت بدورها طبقات قرائية ، حيث تتعدد القراءات وتختلف بتعدد مستويات وعي القراء وثقافتهم ، مما يؤدي الى تعدد ( فهمهم ) لمعنى النص النهائي بل انهم يشاركون في تكوينه ، وهذه الطبقات القرائية ، والتعددية الفهمية ، تعتمد ( التأويلية ) كآلية تفسيرية موضوعية ، لمضمون ، ومقاصد النص ومرسلاته الخطابية ، وكل هذا اعتبره انا ( آلية نقدية ) تكشف مواطن القوة والضعف ، والجمال والقبح ، على ضوئها يتقرر ( قبول / رفض ) النص كله او بعضه ، وهنا يغدو القارئ الواعي ناقداً ، ومحدِّداً لمصير النص ( موته / بقائه ) في الحياة الادبية ، فلا يحق لأحد ان ينصب نفسه قيما وصيا وسيّافاً على رقبة الابداع ، فهو في النهاية محض قارئ مثقف تأويلي ، رأيه يخصه وحده ، غير ملزم لسواه

فكل قارئ ناقد ، وكل ( ناقد ) قارئ ، والجميع يدورون في فلك الكاتب ، واتذكرهنا قولاً لبعض المنظرين ( الناقد شاعر فاشل ) .


.........................................................


القريض / الشعر الحديث ... صراع الحضور و الغياب


الشعرالعامودي ، كأي اثر (ادبي ـ فني ) هو نتاج جملة ظروف موضوعية اجتماعية ، ثقافية ،... الخ مرتبطة ومتفاعلة ( تأثّراً / تأثيراً ) في و بمركبات بنيتها المكزمانية ، يستمد اسباب حضوره (القوي / الضعيف ) اليوم في المشهد الادبي ، وجدان، ووعي المعنيين بالشأن الشعري (شعراء ، نقاد ، باحثين،متلقين وماشابه ) من خلال :
ــ ( امتلاكه / عدم امتلاكه ) ديناميكية التماهي مع متغيرات تلك الظروف ايجابياً / سلبياً التي تفرضها حركة تطور الحياة الانسانية ، و (عولمة ) العلاقات بين شعوب الارض . وهي متغيرات حتمية عابرة للحدود ، فليس هناك امة بامكانها العيش منزوية عن غيرها او منغلقة على نفسها ، ا
ــ ( قدرته / عجزه ) على تطوير ادواته التعبيرية فنياً وخطابياً بما ينسجم مع ديناميكية التماهي المار ذكرها في اعلاه
ورأيي الشخصي ان الشعر العامودي ظل مسحوباً للماضي ملتزماً ( تحت مسمى الاصالة ) بقديم قياسات ( اسلوبية ـ اشتغالية ) تراثية ، وُضعت له كضوابط شكلية جمالية ، ومعيارية تعبيرية ذوقية ، محرم الخروج عليها ، فهي عابرة للزمن ، قيودها لاتصدأ ، و احكامها لاتشيخ ، واحاطوها بهالة التقديس!!! ، في زمن قلبت فيه حداثوية الحياة ، مضارب الخيام الى ناطحات سحاب ، و احلت الافران الغازية والكهربائية بدل نيران الحطب ، وماعادت (عيون المها ) تجلب ( الهوى ) لقلب من ( يدري ولايدري ) ، فبراءتهما اليوم توارت خلف ( العدسات الملونة اللاصقة ) ، والتزامية الشعر العامودي بتلك القياسات والضوابط الخصها في :
1ـ انه شعر وصفي لاكشفي : تتكئ ماقبلية معياريته التعبيرية على وصف ما يتولد في ذات الشاعرمن انطباعات بفعل ( رؤية ) الاشياء المحسوسة في واقعه ، او المتخيُّلة في خاطره ، دون ان تكون لديه ( رؤيا ) كاشفة لعوالم ماورائية عذراء ،او فوق واقعية منعتقة من هيمنة ( الاخر ) المؤسساتي السلطوي ، ومتحررة من وصايته على العقل والسلوك الانفعالي . مما يجعله خلاقا ، يضيف للحياة معانيا جديدة ، ويعمق من مديات الوعي الانساني ,ويفتح امامه مجال التأمل والتأويل رحباً
2 ـ الماقبلية الشكلية :
ـ الايقاع البصري : للبيت الشعري بناء افقي مشطور شطرين ( صدر / عجز) ، في هيكلية تراتيبية متعامدة للابيات ( بيت / يليه تحته بيت ) فعلى الشاعر ان ( يوزع ) مايقول وفق هذا التشطير الملزم وان على حساب الوحدة البنيوية للعبارة الشعرية دون ان تكون اية تعالقية دلالية بين معنى البيت / القصيدة وهذا الايقاع المنظور .
ـ الايقاع السمعي ( العروضي ) والقافيوي / القوالب النغمية للبحور الستة عشر للايقاع الصوتي صلة دلالية متناغمة مع شدة / رقة الانفعال الذي تختزنه المفردة / العبارة / المقطع الشعري ، في تلازم تكاملي تتجسد من خلاله اثارة مشاعر القارئ بقصدية ايحائية تقربه من فهم الفكرة ( مضمون القصيدة ) ، ولما كان الايقاع هنا بنية صوتية قائمة بذاتها ومستقلة عن ذات الشاعر وسابقة لزمن كتابة القصيدة ، فيتحتم على الشاعر ان يخضع معانيه وانفعالاته بما ينسجم مع قياسات تلك القوالب النغمية الماقبلية ، حتى ان اضطر للتضحية بمفردة يجدها الانسب دلالة عن غرضه الشعري ، والاتيان باخرى قد تكون اضعف دلالة لكنها اكثر توافقا مع تلك القياسات ، فلا يطلق لانفعالاته العنان الا بما يرضي الميزان العروضي ، فتختل الدلالة ، وهذا ماتحرر من سطوته الشعر مابعد الحداثوي فحلقت الفكرة باجنحة المشاعر الوارفة الافاق ، في فضاء تعبيري شاسع الامتداد مما جعله الاكثراقترابا من اختلاجات الذات الداخلية ، والاكثر انسجاما مع روح التغيرات والتطورات التي تشهدها حياتنا الخاصة والجمعية شاء من شاء او لا .. فالتطور كما اسلفت ، مفروض على الامم بقوة العولمة وتهاوي حدود التلاقح المعرفي الثقافي ومن ينكفئ على قديم موروثاته ، واصولية قياساته في هذا الميدان الثقافي او ذاك ، فمحتم عليه الاندثار والتواري من ذاكرة الامم الحية . اكتفي بهذين الاشتراطين الماقبليين اللذين يحددان المسارات التعبيرية التي على شاعر القصيدة العروضية اخضاع انفعالاته وافكاره المضمونية الى سلطان ايقاعاتها الصارمة الضوابط ، وبعكسه فهو مشكوك بشاعريته ، وعطفاً على ( حضور / لاحضور ) الشعرالعامودي عالمنا الادبي المعاصر فهذا يعود ، اضافة لما ذكرته انفاً ، الى مدى (انغلاقية / انفتاحية ) ثقافة المجتمع التي تجعله ( يقدم / يؤخر ) هذا الاسلوب الشعري على غيره ، ثم ان المتغير الموضوعي له قوة توجيه الاحكام هنا فالثقافة عموما والادب خاصة هي نتاج بيئوي ظرفي اي انه متغير لاثابت
تحياتي ..
........................................................................

تعليق ورد الاستاذ  حسين ديوان الجبوري :
 
( القريض / الشعر الحديث ..صراع الحضور والغياب )

ــ نعم أنا معك التطور يفرض نفسه على كل نواحي المجتمع علميا اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا وحتى على الادب ولكن ياخي الحبيب للشعر العمودي وجه المشرق وهناك قصائد خالدة ليومنا هذا وإني أرى أن استسهال النمط الجديد من كتابة النثر ويسمى بالشعر هو الذي سيضيع بارقة العمودي ولكي نثبت لأنفسنا ندرس العمود مع عروضه وقوافيه واوزانه ونجرب المتعة في كتابة القصيدة العمودية الان الشاعر من يلم بكل انواع الشعر يكتب عمود وتفعلية ويكتب ومضات لا نقلد الغرب في كتابة القصيدة ونكتب هايكو مثلااخي الكريم الشعر موهبة قبل كل شيء وتصقل بالدراسة والتطور يحصل كما حصل في القصيد الحر الذي أبدع فيه الكبير بدر شكر السياب ونازك الملائكة ويلند والبياتي وغيرهم كثيرون أما ما أبدع به المرحوم حسين مردان كان يقول عنه نثر مركز .العمودي كما قالت الأستاذة مرشدة هو الثوب القانوني للشعرلا اريد التوغل أكثر ولكن هذا رايء انا اميل إليه ولا أجدني أن أكون شاعرا إن لم أكتب العمودي ولنكتب بعدها ما نشاء ممن تطور ف الساحة الأدبية ولرب بيت شعر عمودي يختصر صفحات من غيره تحياتي لجهدك الكبير
.. وكان ردي المتواضع كالآتي :
تحياتي اخي العزيز بدءا انا احترم وجهة نظرك واود ان بتسع صدرك لردي المتواضع هذا :
الحداثة ليست ترفاً ولا عجزاً عن اعتماد ايقاعات البحور العروضية كبنية نغمية لنصوصها الشعرية ، فأنا مثلاً كانت اولى كتاباتي الشعرية في بواكير عمري الادبي هي قصائد وفية تماما للعمود الشعري والبحور العروضية ، وحازت ماحازت من كبير اعجاب واشادة المختصين في هذا الجنس الادبي ، وقبل الاسترسال اود ان اتطرق الى ( نزعة الحداثة ) التي سكنت روع وفكر كبار اعلام الادب والشعر في تاريخنا الادبي كي اؤكد لك ان الحداثة ليست بدعة او هروباً من ( سوط محتكر جماليات شعرنا عبر العصور الفراهيدي ):
ـ المبرد: خصص كتابا كاملا عنوانه «الروضة» . ذكر فيه «وليس لقدم العهد يفضل القائل، ولا لحدثان عهد يهتضم المصيب، ولكن يعطى كل ما يستحق ».
ـ ابن قتيبة: أكد على أهمية النص الشعري بذاته( اي دون الاهتمام بمرجعياته ) بصرف النظر عن قائله وعن الزمن الذي قيل فيه.
ـ ابن جني : دافع عن المتنبي مشيرا إلى أن الحداثة قيمة بذاتها، مؤكدا على الفرادة والإبداع.
ـ ابن رشيق القيرواني صاحب كتابة ( العمدة ) : ذهب إلى ان (اللفظ) للأقدمين و(المعنى ) للمحدثين.
ـ بشار بن برد : يعد أول المحدثين بالمعنى الإبداعي والخروج على عمود الشعر
ـ أبو نواس وأبو تمام: رفضا تقليد القديم , باختلاف مسلك كلا منهما حيث جعل الاول (الحياة/الشعر ) متطابقين متفاعلين ، وتجاوز الثاني شعره العالم الواقعي.وهما هنااءا بالمحدث في مفهوم الشعر العربي
ـ هناك نواع تعبيرية فنية أخرى لها ايقاعاتها الخاصة المبتكرة( او المتأثرةبما هو سائد من بُنى ايقاعية في بيئتها الاندلسية) وهي لاتمت للعروض بصلة، ومنها (الموشح ،الوبيت ،الكان كان ،الزجل والمواليا)،
اخي الكريم:
أن الحداثة في ادبنا العربي هي نتاج التغير المكزماني سلباً وايجاباً الذي شهدته الحياةالاجتماعية،السياسية والاقتصادية، للشعوب العربية وتلاقحهم الثقافي مع شعوب المعمورة، وخلق التغير السلبي ( حصل لتضافر عدة اسباب منها العدوان الخارجي ) واقعاً لم يعهده العرب في ماضيهم ، مثل الظرف الموضوعي المحفز لظهور ماهو غير مسبوق في المجتمع العربي من ( افكار،صراعات طبقية ، قبلية ، دينية ، سلوكية وغيرها ) مثلت تحديات تهدد هويتهم و كيانهم الوجودي ، ..الخ ، احتاج الشاعر للتعبير عنها فنياً اساليب ادبية غير مسبوقه بدورها ( الادب منتَج اجتماعي ) فولدت ( الحداثة ومن بعدها/ مابعد الحداثة) كآلية نصية خطابية ،متماهية مع واقعها ، من خصائصهاالتعبيرية(الفصل بين الألفاظ/الاشارات ومعانيها/دلالاتها) فاذا كان الاسلاف هم مرجعية الالفاظ اللغوية لأصالة أعراقهم وفصاحة لسانهم،فان المحدثين من وضع لها المعاني المبتكرة ،المولدة من رحم تلاقحهم مع الثقافات التي انفتحوا عليها، وما خلفته الأحداث التي شهدها واقعهم الحياتي من دلالات ، معان متعالقة مع تلك التغيرات المستجدة التي مرّ ذكرها .
ان مايتار من خلاف بين ( الاصالة والحداثة المعاصرة )سببه في رأيي (تعريف كلا منهما للشعر ) فاصحاب الاصالة يذهبون الى أن الشعر يعرف بلفظه /اي انه منتج ، بينما يعرفه الحداثويون بمعناه/فهو عندهم منتِج
اما موضوعة عامود الشعر والبحور فهي تخص الشكل ، ولاتمثل سبباً حقيقياً للخلاف وقد وضحت رأيي فيها في مقالي السابق
اخيراً :
الحداثة إبداع في شتى مستوياته وتمردها على قديم الاشكال والاساليب الادبية هو بقصد (الإضافة) النوعية للتجربةالشعرية العربية والانسانية ،وهي باضافتها هذه تكون مكملة للتراث لامنقطعة عنه.

باسم عبد الكريم الفضلي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق