الخميس، 15 نوفمبر 2018

نصوص : الشاعر كامل عبد الحسين الكعبي : مجلة اقلام بلا حدود: منتدى اصدقاء اقلام بلا حدود :وصفحة مجلة اقلام بلا حدود : حقوق النشر والتوثيق محفوظة © 2018




نصوص 





الجدارُ الخامِسُ ونُصوصي المُؤَجّلَة 

تُوخِزُني جدرانُ غُرفَتي بدبابيس ذكرياتِنا المُستباحةِ مِنْ قوانين مستمدّةٍ من صحارىٰ مهجورةٍ لا تصلها شموسٌ كتلكَ التي تَطلّ على صومعتي العاريةِ من كُلِّ أنواعِ السقوفِ والتي تآكلتْ جدرانها بعناكبِ الصَدَأ وعشعشَ بها الضبابُ وغمرها سيلٌ من دخانٍ أسودٍ يقطعُ الأنفاسََ ويخنقُ الأرجاءَ ، وَأَظلّ حبيسَ تلكَ الجدرانِ أرنو بطرفي إلىٰ السماءِ لأصوغَ منْ النُجيماتِ قلادةً ومنْ قَطَراتِ المَطَر شلالات ضياءٍ ، وأبقىٰ مُحلِّقاً بأجنحةِ الأَمَلِ كأننّي أسيرُ في الهواءِ أرسمُ في الأثيرِ وحشتي ثم أغرقُ كجبلِ الثلجِ في سكوني رغم حرارةِ جمرِ الإنتظارِ لطائري الذي أرسلتُهُ إلى السماءِ لكنّهُ إلى الآن لمْ يعدْ لعلّ برقاً أصابَهُ أو شهاباً أرصدَهُ فأعودُ لجداري الخامسِ وقَدْ تراكمتُْ علىٰ تشققاتهِ ذكرياتُ نصوصي المُؤَجّلة حتىٰ أوشكَ علىٰ الإنقضاضِ والتصدّع ِمنْ وطأَةِ ما نُقِشَ عليهِ من نُصوصٍ مُعتّقةٍ بعتقِ أحلامنا المُؤَجّلَة .. وستبقى مُؤَجّلَةً حتىٰ تتكلم العصافيرُ وتبوحُ الفراشاتُ ويصمتُ البَشَرُ .


أَعْتَرِفُ 


(1 )
 كُلّمَا نفختُ رمادَ الحُجُبِ لتتكشفَ الحقائقَ لَمْ أجدْ إلاَّ الغُبارََ .

( 2 )

 ليسَ لتلكَ البذرةِ مِنْ ذنبٍ إلاَّ أنّي لمْ أُحسن اختيار التُربةِ .

( 3 )

 باستحالةِ اكتمالِ نُصوصي المُؤجّلةِ والمنقوشةِ على الجدارِ الخامسِ لغُرفتي المُعَتّقة .

( 4 )

 ليسَ باستطاعتي الإنسلاخ منْ تلكَ العَلقةِ التي استوطنتْ وتربعتْ في القلبِ والوجدان .

( 5 )

 كنتُ رهينَ غُصَصٍ توشك أنْ تَصْطلي بلَفَحاتِ النَدَم .

( 6 )

 لمْ أَجدْ في رُكامِ أَوردتي وفي خَبَايا شرايينِ الوَجْدِ سوى رمالٍ جرفتها الرياح .

( 7 )

 عَبَثاً كنتُ أحاول إشعال ذلكَ الضَوءِ الخافتِ ، فالظلامُ أَرْحمُ .

( 8 )

 صَرَخاتي بمَنْ لا يُحسنونَ الطفرَ فوقَ الأَسْلاكِ الشائكةِ لا طائلَ مِنها .

( 9 )

 ما كانَ انهيارُ صوتي إلاَّ بسَمَاحي لتلكَ اللغةِ الحُبْلى أنْ تتبرعمَ على شَفَتي .

( 10 )

 تعساً لغيمتي التي هطلتْ على صحراء لا ينبتُ فيها زرعٌ ولا ينمو فيها ضَرْعٌ .




قِلاعُ الصَدِّ تَجْتاحُها السيولُ 


ماذا أَقولُ وقَدْ هُدِّمَتْ قِلاعُ صَدِّي واقْتُحِمَتْ أسْوارُ تَمنّعي إلاّ أنْ أَبْصم لها بقوّةِ أمْواجِها وضعفِ سواحلي ، وسطوةِ سيولِ حضورِها وقدْ غَمَرَ ودياني وفاضَ على صحراءِ شَتاتي وقيعانِ أَكْواني .. يا لَغَفْلتي وغَفْوتي أينَ جَلَدي وسَطْوَتي وأَنَا الفارسُ الهصورُ !؟ أينَ حُرّاسي وأَسْلحتي وقدْ مَلأَتْ المتارسَ والنصولَ !؟ هَلْ أَصابَهُم الوَهَنُ والإنكسارُ أمْ لاذوا بالفرارِ وأَعْلَنوا الإستسلامَ !؟ أينَ أقلامي وقَصائِدي وقَدْ سَوّدَتْ الصحفَ وعَلا دخانُها الأَسودُ أرجاءَ الفَضَاءِ وسماء اللازوردِ ، الآن وقَدْ هبطتْ إلى الأَرْضِ تَتَسوّرُ بياضَ الوَرَقِ تعبثُ بالسطورِ تهتدي ببصيصِ نورٍ تستنشقُ عبيرَ زهورٍ ليسَ لها إلاَّ الإقرار وإنْ كانتْ مسلوبَةُ القَرارِ ولا التَمَرّد والثَوَرَان وقدْ كَبّلتْها الدهشةُ وطوّقتْها العذوبةُ وعانَقَها قلبٌ منْ عالمٍ وردي الملامحِ والأَطْيافِ واجتاحَها سهمٌ منْ سِهامِ الغيبِ لَهُ طعمُ السَلوى ومذاقُ الأَشْواقِ يحملهُ ليلُ مشتاقٍ طويلٌ يخففُ منْ غَلْواءِ رَهْبةِ الشَتاتِ ويخترقُ جدارَ الصَمْتِ فيقطعُ السكونَ ويمنحني لحظاتٍ لأُصافحَ البُعْدَ بيدٍ ترتجفُ منْ هَولِ الشجونِ أتحسسُ بصمتٍ مشاعرَ مبهمةً ويروعني طيفٌ كنتُ أَخْشاهُ مابرحَ يَنْكأُ الجروحَََ ويدمي القُروحَ فتشتدُ معهُ آلامي وكلّما زادَ الأَلَمُ زادَ معهُ حنيني واشتياقي فتغرقني الدموعُ ويزاولني شرخٌ أصابَ مقتبلَ أيّامي وتكتملُ الفصولُ فأتذكّرُ تلكَ المواعيدَ التي حملتْ البُشرى فكانتْ تَمُرّ بي في كُلِّ يومٍ قبلَ النومِ تُهَدهدُني فأغفو بأحضانِ الأَمَلِ لأرسمَ ملامحَ من عالمِ خيالي على لوحةِ تحناني بألوانِ الطَيفِ وقدْ أصبحتْ في عُمْقِ وجداني شيئاً ألمسهُ يتناغمُ مَعَ إحساسي وأخفي عَطَشي واحتياجي لرَسْمِ خَطِّ الأَماني وتعديلِ مُنْعرجاتِ دَرْبِ الخُطى لنعدُو في روضِ الحُبورِ ونشدُو بملءِ الفَمِ أنغامَ الأَمَل .

كامل عبد الحسين الكعبي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق