السبت، 4 أغسطس 2018

الشـّـــعـور : بقلم امل الأصقع : مجلة اقلام بلا حدود: منتدى اصدقاء اقلام بلا حدود : :وصفحة مجلة اقلام بلا حدود:@ حقوق النشر والتوثيق محفوظة /2018




الشـّـــعـور





- هــل تُدركُ ذلك الشـّـــعـور ..؟- أيّ شعــور.. ؟هنالك دائما شيء ينقصني.. من منكم مثلي؟ ملّ الإنتظار.. حاول عبثاً الإقتراب ثم فضّل الإبتعاد عن سبيل العابرين.. من منكم مثلي؟ لعدم ثقتـه بوجـوه العابرين و ما يكسوهم من ملامح كاذبـة مثل المباني القديمة .. من منكم سمع صوت إرتطام الأمواج في ليلة شتائيّة قارصة تعبق منها رائحة المطر.. يغزوها السّكون و حديث الجارات عن قصص الحبّ القديمة، الجرائد المصفرّة والقطع النّقدية الّتي أمست بلا قيمة.. من منكم مثلي؟ عَزل نفسه عن الحاضر فإختار الماضي مستقبلاً.. لأنه سئِم التّكرار من وتيـرة النّهـايات و تداخل الأشخاص، فإذْ بكَ لا تجد الرّغبـة بِالنّهـوض و لا بِالمـرور على أرصفـةٍ كانت تـَروقُ لَكَ سابقـًا .. أن تُهمِـلَ نفســكَ فتُهـمَلَ و تُنسـَى فتُحـاوِل أن تَنْــسَى فلا تَجـدُ ما تَرتكـِزُ عليـه أو تعـود إليه في محاولاتكَ الفاشلــة .. أَ تعرف معنى أن تُترك.. أن تُهمل.. أن تُستبدَل دون عطب.. أن تُهجر كالبيت الخرب.. أن تصبح كَـكِتابٍ مُمِلٍّ لكِثرةِ مطالعيه..؟ أن تُصبِحَ خَشبةَ رُكحٍ نَخَرَهَا السُّوس.. أن تصبح كَسَقْفٍ قديمٍ لا أحد ينظر إليه..؟ أن تصبح كأنك قطعةٌ من عِقدٍ تناثرَ أثناء مشادّة.. أو أثناء قبلةٍ عنيفةٍ ..جُمِع من جديد و تُرِك منسيًّا على طاولة ما.. العِقْد مكتمِلٌ لكلّ من يراه و لا أحد يعلم أنّكَ أنتَ تلكَ الخُرْزة المفقودة.... أَ تأتيكَ تلك الرغبة الملحّة بأن تصرخ "إنّي هنا".. الرّغبة أن تحسّ أنّك مازلتَ موجودا في زاوية ما فتنتظر و لا أحد يبالي بكَ... ذلك الشعور، كأن تُترك بين صفحات رواية كمشهدٍ ثانوي، و ركنٍ لم يُذكَر بالطّبعــة النّهائيّة، و تفصيل لم يرق للمخرج فقرّر إنهاءه بومضة قلم أسود.. فتنتهي قصّتـكَ دون أن تُكتب النّهـاية و تُحـرق الفصـول السابقـة دون غضـب، دون تحسّر أو ندم.. هل تُراك جرّبتَ يا صديقي ذلك الشعور عندما تُضطرّ على أن تُجبِـر ﻧﻔﺴﻚَ عن التّعلـق بالروائح حتى لا تَنْظمَّ لِرصيد ذاكرةِ خيباتٍ تتالتْ عبر تاريخ الجسد.. أن تفقـد كرهـكَ .. و حتـى رغبتـك بالإنتحـار.. فتتخلـّى عنـكَ الهواجـس لشـدّة ما تُخـذل..!؟؟ أَ تعلـم معنـى أن تُتـرك حتّى من ظلـِّكَ ؟ أَ تعلـم معنـى أن تكـون أجـوفًا حتـى من الخــوف و أفكـارك السّــوداء ؟ أن تستجدي شيئًا يدفعكَ للحياة ! فلا غير سراب تافه يمتدُّ نحوكَ...؟ أن تبحث عن ﻧﻔﺴﻚَ فتجد غيركَ.. أن تعجز عن قول ما تريد أو أن تختار طريقكَ بنفسك.. أَ راودكَ شعور العجز أمام حاضركَ و ماضيكَ الحاضر بلا موعد..؟ أن لا تمتلك حلاًّ.. أن يمضي الوقت كالرّمل بين أصابعكَ دون أن تحرّك ساكنًا.. أن تأجّل كل خطوة إلى أن ينتهى تاريخ صلاحّة أحلامكَ النائية.. أن لا تجد ما يسعدكَ.. أن تبحث عن ملامحكَ في وجوه العابرين .. كيف كان ذلك العجز أمام المكان.. والزمان..؟ لِتتعلـّمْ يا صديقي أن لا تبالي! تنفّـسْ جسـدًا حـيًّا دون رغبـة أو هـدف أو طـريق تحيــد عنـه! ثمّ لِتتعوّدْ أن تتكسـّرَ حتّـى تصبـح ذرّات هـباء ينفضـها المـارّون من على أكتـافهم.. و تَصغُرَ أكثــر لتُصبح بلا قيمـة حتـى أمام نفســكَ...
- أَ تكره ذلك الشعور؟ أم إتٌخذتَ طريقكَ في اللّامبالاة مثلي؟


أمل الأصقع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق