جفون الليل ( 1 )
أيّها اللّيل العميق !
فيما أنت ماضٍ في ظلامك الدّامس ،
ليتك ترأف بأصحاب الجفون السّاهرة !
ليتك تجرّ معك صدى أوجاعهم ، أحلامهم العقيمة ،
آهاتهم ،أوهامهم ، و همومهم .
لا جرم أنّ كلّ باب من أبواب السّماوات إلاّ و له حضرة و حُرّاس
يقفون كتماثيل شديدة البأس على عتبته ،
و وحدهم الشّجعان من يطرقون تلك الأبواب دون خوفٍ أو تردّد
حتّى تُفتح لهم على مصراعيها. طارق يا ابن الأرض !
اِحمل معك أوزارك و ضَعْهَا جانبًا و قف مرفوع الرّأس ،
و اطرق أنّى شئت من أبواب الخير بمنتهى اليقين،
فأنت بين يدي إله رحمان رحيم ! "
رحم الله جدّي ، لقد حفظت كلماته تلك عن ظهر قلب .
أفشى طارق كلّ ما في صدره من روحانيات لها ،
ثم راح يتمشّى بين الشّجيرات
و يمرّر يده على أوراقها الكثيفة حينًا،
و يقطف بعض ثمرات التّوت و يلتهمها مثلما يلتهم البائس أوّل
قطعة من رغيف خبز حينًا آخر.
و كانت زوجته زينب تجلس القرفصاء تحت ضوء القمر ،
تشربُ الشّاي المُحلّى بنكهة نبات النّعناع وتُصغي إلى دُررِ
زوجها اِصغاءً جميلاً.
و حين أمست النّجوم مُجرّد حبّات لؤلؤ تُزّين ثوب السّماء ،
و أطلق الدّيك صياحه المُبشّر بحلول يومٍ حديثٍ
من أيّام الحياة الدّنيا ،
أقبل العُمّال من كلّ حدبٍ و صوبٍ حاملين معهم سواعدهم
الصّامدة ، و ابتساماتهم الصّباحيّة المُشرقة .
نسرين ولها
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق