الجمعة، 14 ديسمبر 2018

نصوص شعرية :الشاعرغسان ابو شقير : مجلة اقلام بلا حدود: منتدى اصدقاء اقلام بلا حدود:حقوق النشر والتوثيق محفوظة © 2018 ____




نصوص شعرية



غربة وحنين 

هأنذا يا بيلسانة عمري ..أجمع شتات أحلامي في بوتقة الغياب
وأطير بلا جناحين 
كي أعانق الأشجار التي رمت جذورها في أعماقي من غابر السنين
كانت أنفاسك تلهث على كل المسافات التي تفصلنا عن بعض ,,,
أعلم أنك قريبة وبعيدة عني 
وأنا اتنفس أشواقي وأخامر نزوة الرحيل
سافرت كل أحلامي معي ..
ولكن كوني على ثقة عمياء ..إني لم أضيع حلمنا الجميل 
أشتاق أن تمطرني عيونك بنظرة ترمم كل أغصاني المنكسرة 
وتنبت في جسدي المتعب كل أوراق الربيع لعلي أبقى مغموراً بالسعادة 
على أمل أني سأعود يوماً وأراك مازلت جميلة تمشطين ضفائر شعرك 
وتحاكي المرآة عن لون عيوني العسلية وعن إبتسامتي الشهية
اليوم غدوت منفي خارج أسوار الوطن ينتابني الجزع من قسوة الرحيل 
وغياب وجه احبتي عن عيوني ...
لمن سأبتسم عند الصباح ..
أشتاق للاهل وللصحب ولسهرات المساء في بيادر الصيف 
أحن للمرعى ولمزمار الراعي ولخيمة الناطور 
وأتلهف للتنور ولزوادة أمي رغيف خبزٍ وحفنة من الزعتر 
وحبات من الزيتون
كم تتوق روحي لأيام الطفولة وللركض في السهول 
خلف فراشات الربيع
واصطياد العصافير عندما يشقق الفجر زرقة السماء ...
ياروعة النبع عند المساء وظفائر الصبايا المبللة بالماء 
وهن يتمايلن مع شمس الأصيل 
يا فحوى الغربة التي جرفت كل أحلامي 
وتشظت في شراييني
وتركتني أعانق الذكريات وأ شتك لوعة الفراق 
يعتليني الضجر أحيانا من جور الزمان 
فأسكن لواعج روحي ببعض التعاويذ 
وأسبح برؤياي على المدى وأستغفر بأهاتي على الافاق ,,
في أي مزمار سأعزف الحنين وأنا مثل قصبة جوفاء
على السواقي تعبث بها الريح 
تجلدني سياط الوحدة الرعناء بتعسفٍ 
ومع ذلك لا اشتكي 
أبصر أن صبحنا سيشرق مثل الشمس 
وإن الدفء سيغمرنا رغم إجتياح الصقيع..
فلا تبتعدي كثيراً وكوني على مرمى بصري 
إني أتيك في لمحة عينٍ
فانت مرفأي الأخير الذي سأرسو به بعد حين
كقاربٍ عاد من إبحاره الطويل ..
 غسان ابو شقير
...........................

همس المشاعر

تاهت الرؤى , على نافذة الشوق بثثت زفراتي 
ورتلت أناتي على مسمع الغياب 
وسطرت أَقلام الشوق على شرفات الحنين 
وعلى جذور المسافات الراحلة
.....
إمتعض وجه الأفق من شكواي
أوتاري مقطوعة ...
وأهاتي أحلام تزغرد مع الريح 
تمر على السواقي أغنية 
وبين عيدان القصب تعربد نغمة من ناي حنون 
.....
كم من رسالة كتبتها يداي على ناصية القمر الخجول 
غابت في ليل طويل دون أن يقرأ منها حرف
رحلت كلماتي كرسالة ممزقة بلا أحلام 
يموت العشق في الصدور ويدفن بلا كفن 
ولا أحد ينعي الرحيل
.......
أنت تعلمين أني يوما أحببتك 
خمس وعشرون عاما مضت 
هل أستطعت أن تنسين 
و تمحي الندب من قلبك الحزين 
أمازالت اللحظات تخدش ذاكرتك 
خمس وعشرون عاما لم تكن كفيلة لطي إشتياقي
مازلت أجنح بخيالي لتلك الأيام 
أسرح مع الياسمين المعربش على حيطان ذاكرتي 
للحب الدفين
.......
يا مياسة عمري....
أوجعني سوط الهجر 
وما زال يجلدني بقسوة 
والأيام تمر من خرم إبرة 
ولا أدري كيف أُحيكُ ساعاتها
على خرقة العمر البالي 
........
كاذبٌ من قال أن الخريف ينسيني زهرة الربيع !!
و كل ماتسمع ليس عويل الريح ....
.إنما أنين أشجار تعرت في الخريف 
 غسان ابو شقير
....................



معلقة....في حضرة الجنون 
 تمزق حاق بذاكرتك فلا تعدو عيناك عني وترحل ..لن تنجو من أيدي اللصوص وفقه الشعراء..سهام الموت كيف تتخطى ..في جلبة وحوش الغاب وفي معمهة السفهاء ..لا مفر من قدر يلاحق ظل مبتور وعلى المرايا تشظى
الميزان موارب , والترهل ادمى ذاكرة إعتادت على النسيان 
ممنوع أن تمارس يوغا الصباح في زمان ممسوس 
طوابير الجنون تستعر وتتوافد مثل طيور البحر نحو شطآن الإنتحار 
أعلن إنعتاقك بين الأمواج وسافر نحو حتفك الأخير وانشد الخلاص
في موسم قطاف الوجع يتوجب دفع فاتورة الإستحقاق مع البقشيش 
في المقهى الليلي للنادل المتنكر بعباءة القديس 
عليك أن تتجرع كأساً من سلاف الخوف المعتق وقراءة تعويذة الصمت الرهيب 
فاحتسي سم الزعاف وادفن أحلامك في مقابر النسيان 
 فالانتظار نرد خاسرعلى طاولة الرهان لن يحالفك الحظ في لعبة البوكر بين أصناف الشجعان فأوراقك مكشوفة للعيان ولن تكون رابحاً أمام ملوك الكار 
في ذاكرتك تشرذمت المبادىء والافكار وتقزمت مفاهيم العبارات
خيانة كبرى إجتاحت ذاكرتك التي أعتادت النسيان 
فالاشياء إنفصمت عن مسمياتها في السجلات الرسمية وفي دواوين الحكماء 
 أوقعوك في شباك الحيرة والريبة ومن أشداق الواقع المرير لفظوك مثل تاريخ عفن كان سقوطك مريع فوق محاور التعيين 
 بمخطط هندسي وبقرارات خبيثة فرزوك ووضعوا شروطا مناسبة لتكون ند ا وخصما في لعبة قذرة,أعلنوا أن الإتفاقية سارية المفعول وغير قابلة للنقاش 
وأنك المتهم الوحيد في دوائرالتفتيش 
لم تعد الاختلافات العقائدية مشكلة العصرالراهن ولاالمذهبية يعد لها حسبان 
الإختلاف يدور حول جوهر الاشياء وتجريدها من الواقع و المحتوى 
 اختلط مضموني في شكلي ,,غموض غطى باطني بالرمال وعلى ذاكرتي أسدل ستارة الضباب,,ممالك التفكك والشتات شيدت على أنقاض الإنسان 
 فالمفارقات عجيبة ومن حاول فك شفرتها مرهون بالضياع.. في تقاطع الكلمات تكمن الاسرار والخبايا ..والمجازفة لن تجدي نفعا في هذا الواقع ولن تعود بالخير على من غاص في وحل الخطايا ..كل المحاولات باءت بالفشل الذريع و مآلها كتن السقوط في الجحيم ..من دون جدوى ضاع الكلام واللغز ما عاد محتاج للتفسير 
 لن نستخلص الرحيق من الدم حتى نرمم ذاكرة الورد الجريح من الشتاءات اللانهائية ...رموز الشعر ستبقى تغوص في بحر الغموض ما لم نقرر وضع ضوابط لبداية الشتات و ستختفي الحقيقة بدائرة الشكوك مالم تبصر النور 
 بين الخطأ والصواب تاه الشعراء وسقط الفلاسفة والملحدين في مستنقع الانحراف والتكفير ..سائر ا لقطيع بكل سذاجة يقضم العشب في المرعى ..والأغنام لا تفكر بالجزار ولا بالساطور..وكل شيء مجهول فلن يكون معلوم في زمن المس و الجنون ,,و يبقى السؤال شطرا من جوابه في دائرة النفي القطعي 
 كل شيء مبتور لا يتشكل بصورة واضحة..والتشوه يعبر عن نفسه في صورة مهشمة تشبه قصيدة سريالية ..حيث يمتزج النزيف بالجفاف ويختلط الشك باليقين 
 ويتخثر الجرح في تلافيف السؤال ..مع ضياع الجزء ينتقص شكل الكل ولن تتوحد مسميات الاشياء طالما هناك خلاف في ماهية الانواع 
 حين تصل الامور لذروة الغليان ولم تنفجر تتبخر في قدرالغليان ..يصبح البخار مطر عديم اللون... في ابجديات ذاكرتي تتراكم قواميس بلا مفردات ..
وعلى الألسن الخرساء تكثر إشارات وإيماءات غير مقروءة..
من يستطيع أن يفك شفرة الكلمات في عيون العميان ويظهرها للنور 
 في مشفى المجانين المسألة لم تعد قابلة للنقاش فأنت متهم بالجنون ولم يعد يجدي ترجي الحكماء ...وحضور أي حلم لحلبة النزال محكوم عليه بالخسران 
 عليك أن تصارع اليأس والجنون على أمل ان تسوي الارض وما عليها وأن تخلق من الذرة مجرة وكوة يعبر منها بصيص النور..فالقاسم المشترك الأعظم بين رقمين هناك من نصب نفسه جلاد ومن تقبل ان يكون الضحية و يتحمل جلد السياط
رغم اننا نسير في منحني واحد فلن نكون متساوي الساقين فوق الكرة المفلطحة
 في الرسم الهندسي احتمالات وفرضيات و قناعا ت وأنت من اصحاب الخيار وممن يتحكم بفتحة الفرجار ..عند عتبة الجنون يتوجب عليك ان تصفق لنفسك ....
 وتضحك كثيرا وتستهزء من دون سبب....وتقيم نفسك بعلامة مجنون في حضرة الحكماء ..أو بعلامة عاقل في حضيرة المجانين,,,,وتعترف .


  غسان ابو شقير

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق