الأربعاء، 14 فبراير 2018

شقاوة ليلة عاصِفَة:الاديب الشاعر احسان الخوري : مجلة اقلام بلا حدود: منتدى اصدقاء اقلام بلا حدود : :وصفحة مجلة اقلام بلا حدود 2018:@حقوق النشر والتوثيق محفوظة /2018


شقاوة ليلة عاصِفَة 




السَّماءُ هٰذهِ الليلةَ بَارِدَةٌ ...

الظَّلامُ لمْ يكُنْ دامِساً ..
القمرُ مُختَبِئٌ بينَ الغُيومِ ..
يُضِيءُ بِترَجْرُجٍ ..
فأدَّثرهُ بِمِعطَفي الأَصوَفِ ..
ونظراتي مَشْدودَةٌ إليهِ ...
المطرُ أخْلفَ وَعدَهُ ..
هوَ لمْ يُؤمِنْ بِريحِ الشِّمالِ ..
ربَّما أتعبَهُ الهَطلُ المُتَكَرّرُ ..
أو شَيءٌ منَ الغُنْجِ ..
أو ربَّما بعض الارتِباك ..
لكنَّهُ لمْ يُكذِّب الخَبَرَ .. 
فقد تَجَهَّمَتِ السَّماءُ ..
مَمنوعٌ الابتسامُ ..
غيومٌ كثيرةٌ وَصَلتْ ..
بدأتْ تمتلِىءُ الفراغاتُ ..
ولا شيءَ بعدُ يتَّسِعُ ...
هيَ اكفهرَّتْ ..
وزَجَّتْ بِمَزيدٍ من التَّوابِعِ ..
فأتَتْ ريحٌ علىٰ عَجَلٍ ..
تَحمِلُ في جُعبَتِها الاضطرابَ ..
هيَ تبدو حانِقةً ..
فلمْ يبق أحدٌ في السَّماءِ ..
لكنَّ الرُّعودَ لا تعرفُِ الانِهزامَ .. 
فَضَحِكَتْ بأفواهِ الجانِ المُفزِعِ ...
وبدأتِ الأسطورةُ ...
ضُرِبَتْ كؤوسَ المَحفَلِ ..
تعالَتْ أصواتُ الجُموحِ ..
دَوزنَتِ الرِّيحُ أوتارَها ..
هيَ تُريدُ أن تُجاهِرَ بالهَوْلِ ..
طفقَتْ تَلطِمُ بِمَكْرٍ ..
تُزَمجِر بِصَريرِ أسنانِها ... 
تَزعقُ ..
تنبُشُ البلاءَ ..
والتهمَت بِشراسةٍ كَبِدَ السَّماءِ ...
صَرختْ ابنةُ الليلِ ..
مزِّقَتْ أرديَتَها ..
واستَطَارتَ كلُّ الأشياءِ ...
فاعتَصَرَتِ السَّماءُ أحشَائَها ..
شَرِبَتْ الحَنقَ علىٰ مَهْلٍ ..
وهَطَلتْ بِمِلءِ تَوَجُّعِها ..
فارَتْ الخَوابي ..
غَرِقتْ النَّوافِذُ ...
فَفَطِنَ الغَيمُ ..
تَفَقَّدَ شجرةَ الصَّفصَافِ ..
جَسَّ أنفاسَها المُنهَكةَ ...
عَسَىٰ أن تكونَ على قَيْدِ الحياةِ ...
ثُمَّ وفجأةً ...
خَلعَتِ الرِّيحُ اهتياجَها الفائِت ..
إنفلَتَ الصَّمتُ ..
بدأَ التَّرحَالُ ..
فَأبَانَ القَمَرُ وجْهَهُ ..
 ولاذَ الجَانُّ المُفزِع بالفَرارِ

احسان خوري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق